يعد تعبير التهاب اللثَة gingivite دلالة سريرية على أمراض لِثَويّة كثيرة. ويعد الالتهاب من وجهة النظر هذه عَرَضاً وليس مرضاً بحد ذاته. ويقال، وهو خطأ شائع، إن أمراض اللثة ترجمة لمجال الاختصاص الذي يدرس هذه الأمراض، والأصح أن يقال أمراض الأنسجة الداعمة، أو الأنسجة المحيطة بالسن وهي تضم: اللثَة gencive والعظم السنخي os alveolaire والرباط السنخي السني ligament alvéolo-dentaire والِملاط cément. وقد تصيب الأمراض هذه المجموعة من الأنسجة كلها وتسمى عندئذٍ: أمراض الأنسجة الداعمة، أو تصيب اللثة فقط وتسمى عندئذٍ: أمراض اللثة.
أما الالتهاب اللثوي بصوره المختلفة فهو عرض مرضي أو نهج مرضي وليس مرضاً بحد ذاته.
النواحي التشريحية في التهابات اللّثة
لابد لفهم الآلية المرضية من الحديث عن المنطقة التي يقع فيها الالتهاب وفيها أربعة أنسجة تتظاهر فيها أمراض الأنسجة الداعمة، مجتمعة أو في واحد منها، وهذه الأنسجة هي: اللثة، والعظم السنخي أو الداعم أو المحيط بالسن، والملاط، والرباط السنخي السني أو الغشاء السنخي السني أو الغشاء حول السن أو الرباط المعلِّق كما يسمى في اللغة الإنكليزية.
1ـ اللثة: هي النسيج الرخو الذي يحيط بالسن ويغلف العظم السنخي ويبدو سريرياً بلون وردي فاتح، ولتغير هذا اللون إلى أي درجة من درجات اللون الأحمر دلالة مرضية. وتقسم اللثة إلى ثلاثة أجزاء رئيسة
أ ـ اللثة الحرة أو الحفافية أو الهامشية: وهي الجزء الذي يحيط بعنق السن دهليزياً ولسانياً أو حنكياً محدداً بهذه المجاورة فراغاً بينه وبين السن يُدعى التلَم اللثوي السني sillon gingivo dentaire ويعدّ تحول هذا التلَم إلى عمق يتجاوز 3مم دلالة مرضية صريحة ويدعى التلم عندئذ الجيب اللثوي poche gingivale.
ب ـ اللثة الحليمية أو بين الأسنان أو اللسينات اللثوية: وهي الجزء من اللثة الذي يتوضع في الفرجات بين الأسنان من الجهة الدهليزية واللسانية أو الحنكية، ويأخذ شكلاً هرمياً ومثلثياً، وتتصل الحليمة اللثوية الدهليزية مع مثيلتها الحنكية أو اللسانية بجزء آخر صغير يدعى عنق اللثة ويتوضع في أسفل نقطة التماس بين الأسنان.
ج ـ اللثة الثابتة أو الملتصقة: ويؤلف هذا الجزء استمراراً تشريحياً للجزأين السابقين فهو يغطي العظم السنخي، ويتصل به بألياف غرائية كثيفة ومتينة لتقاوم فعل المضغ، ويتصل دهليزياً بالغشاء المخاطي الدهليزي ولسانياً بمخاطية الفم اللسانية وحنكياً بأنسجة قبة الحنك.
وهناك جزء نسيجي من اللثة يُدعى الارتباط الظهاري attache epitheliale يؤلف قاع التلم اللثوي، ويتحد مع سطح السن فيكوّن سداً محكماً وفاصلاً بين التلم الدهليزي والفم من جهة والأنسجة العميقة من جهة أخرى، ويتخرّب هذا الارتباط في سياق المرض اللثوي فيزداد عمق التلم ويتحول إلى جيب مرضي.
2ـ العظم السنخي: يقصد بهذا الجزء ما يسمى تشريحياً الناتئ السنخي procis alvéolaire من الفك السفلي الذي يتألف من صفيحة خارجية وأخرى داخلية، وهذه الأخيرة تؤلف الأسناخ alvéoles أو الحفر التي تتوضع فيها جذور الأسنان، ومن هنا يُتوقّع وجود حجب أو ارتفاعات عظمية بين الأسنان والجذور. وتدعى الصفيحة الداخلية اصطلاحاً بالصفيحة القاسية lamina-dura، وتتبدل أوصافها مرضياً عندما يصاب العظم بنقص التكلس أو الارتشاف الشاقولي أو الأفقي بحسب العامل المرضي المسبب. ويخضع هذا الجزء من العظم لجميع العوامل العامة التي تسيطر على العظام، من عوامل هرمونية ومرضية جرثومية أو مناعية أو استحالية، إضافة إلى تعرضه للعوامل الفموية الموضعية من ميكانيكية وجرثومية ومناعية.
3ـ الرباط السنخي السني: هو النسيج الضّام الكثيف الذي يشغل الفراغ المحيط بجذر السن ويربط بين ملاط السن من جهة والعظم من جهة أخرى ويتألف أساساً من ألياف ضامة غرائية تتوزع وفق مجموعات مختلفة تتناسب واتجاه القوة المطبقة على تاج السن، ويبدو أنّ السن ليست ملتصقة بالعظم بل هي معلقة به بوساطة هذه الألياف مما يزيد من مرونتها وتحملها للقوى الميكانيكية، وتعدّ ظاهرة الالتصاق بين السن والعظم ظاهرة مرضية.
يتمتّع هذا النسيج بكل مقومات النسيج الضام، فهو ذو أوعية دموية وعناصر عصبية وله مادة أساسية وعناصر خلوية مختلفة وله فعلٌ داعمٌ ومبدد للقوى ومغذٍ ومرمم.
4ـ الملاط: هو النسيج القاسي المتمعدن الذي يغطي جذر السن، ويصنف ضمن الأنسجة الداعمة لمشاركته في ضم ألياف الرباط السنخي السني، وهو طبقة رقيقة تزداد ثخانة بدءاً من عنق السن وباتجاه نهاية جذرها، ويحدث أن يفقد هذا الملاط معادنه أو يتلين أو يتقشر أو يرتشف في سياق الأمراض المختلفة التي تصادف في إصابات الأنسجة الداعمة.
التشريح النسيجي
ويقتصر البحث فيه على دراسة نسيج اللثة لأن دراسته تنعكس على الناحية السريرية وطرائق العلاج. ويمكن القول فيما يتصل بتشريح اللثة النسيجي إنّ اللثة نسيج ضام مغطى بالبشرة الرصفية المطبقة التي تتقرن في مستوى اللثة الملتصقة، وتصبح غير متقرنة أو نظيرة المتقرّنة في مستوى مركز بشرة الحليمات اللثوية، وغير متقرنة نهائياً في مستوى اللثة الحرة وعنق اللثة والارتباط الظهاري. ويختلف عدد طبقات خلايا البشرة من منطقة إلى أخرى. فهو عدد نموذجي في اللثة الملتصقة أي إن هذه البشرة تتمتع بطبقة قاعدية مولِّدة وطبقة خلايا شائكة ثم طبقة خلايا حبيبية وأخيراً طبقة خلايا متقرنة، في حين أن طبقة التقرن تغيب في اللثتين الحرة والحليمية وأن طبقة التقرن والطبقة الحبيبية تغيبان في عنق اللثة والارتباط الظهاري. وتتصل خلايا البشرة فيما بينها بما يسمى الجسيمات الرابطة desmosomes التي توجد بكثرة في اللثة الملتصقة وتكون قليلة جداً في بشرة الارتباط، الأمر الذي يعني زيادة المسافات بين الخلايا ويعني نقطة ضعف مهمة جداً.
تُفصل البشرة عن النسيج الضام بما يسمى الغشاء القاعدي الذي يتألف من الجسيمات الرابطة النصفية والطبقة الشافَّة lamina lucida والطبقة الكثيفة lamina densa وبعض الألياف الغرائية المقوية الآتية من النسيج الضام والتي تنغرز في الصفيحة الكثيفة لتزيد في التثبيت. أما النسيج الضام المبطِّن للثة فهو نسيج ضام تقليدي ذو أوعية دموية وعناصر عصبية وغني جداً بالعناصر الدفاعية الخلوية والبروتينية المناعية التي يمكن أن تهاجر منه ومن خلال البشرة والتلم مؤلفة ما يسمى السائل اللثوي.
آلية حدوث المرض اللثوي
يحدث المرض اللثوي حين يتحول التلم اللثوي إلى جيب لثوي، ويرافق هذا التحول تبدلات سريريه كثيرة في صفات اللثة وتبدلات التهابية مناعية كثيرة.
تعزى أمراض اللثة والأنسجة الداعمة إلى ثلاث مجموعات من الأسباب:
1ـ الأسباب الحيوية: وهي تتمثل باللويحة الجرثومية plaque microbienne أو اللويحة السنية plaque dentaire. ومن العوامل التي تساعد أو تشارك في تكوّن هذه اللويحة: الإهمال أو استعمال فرشاة الأسنان استعمالاً سيئاً، وسوء وضع الأسنان، والترسبات القلحية وتصبغات الأسنان، والتدخين، والمضغ الوحيد الجانب، والأطعمة الملتصقة.
2ـ الأسباب الوظيفية: أو ما يسمى الإطباق الرضِّي occlusion traumatique، تغير هذه المجموعة من الأسباب من طبيعة القوى المطبقة على الأسنان أو تغير من مدى احتمال الأنسجة الداعمة للقوى الإطباقية، ومن هذه العوامل الوظيفية صريف الأسنان الليلي والنهاري bruxisme وسوء وضع الأسنان والقلع غير المعوض والعادات الفموية السيئة: كمص الإصبع والشفة واللسان وقضم الأظافر والأجسام الأجنبية وغيرها.
3ـ الأسباب الثانوية: هناك أيضاً مجموعتان ثانويتان من الأسباب هما الأسباب التشريحية والأسباب العامة.
أ ـ الأسباب التشريحية: وتضم اللثة الملتصقة غير الكافية والنسيج العظمي الرقيق واللسان الكبير وسوء تكوّن الأسنان وغيرها.
ب ـ الأسباب العامة: كأمراض الدم والغدد الصم والعظام وأمراض الاستقلاب وغيرها، وهذه الأمراض لا تُحدِث وحدها مرضاً لثوياً، ولا تقلب وحدها التلم اللثوي إلى جيب لثوي ما لم تتضافر مع العوامل الموضعية أو الحيوية تحديداً.
ج ـ الأسباب المباشرة: إن الثابت اليوم أن الأسباب المباشرة فموية موضعية وهي اللويحة الجرثومية التي تعدُّ المسؤول الأساسي عن أمراض اللثة. وهذه النقلة في الأسباب من عامة إلى موضعية تلتها نقلة أهم منها في التشخيص والمعالجة فأضحى التشخيص هو الآخر موضعياً فموياً في البداية ثم جهازياً عاماً عند اللزوم، وغدت المعالجة فموية موضعية كأساس ثم عامة أحياناً كمعالجة مساعدة ووسيطة. ومن هذا المنظار سيكون التركيز على موضوع اللويحة أساساً والإيجاز في موضوع الإطباق على ما يخص أمراض اللثة فقط.
تعد اللويحة الجرثومية (الشكل 2) مستعمرة متخصصة تتوضع على سطوح الأسنان وضمن التلم، تختلف في تركيبها من شخص إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى في الفم الواحد ومن عمر إلى آخر في المريض نفسه، وتضم عدداً كبيراً من المتعضيات الدقيقة التي تنتظم تدريجيا وتباعاً إلى أن تصل إلى نضجها التام؛ وهي تختلف عن الزمرة الجرثومية الطبيعية الفموية، وتبدأ تكوّنها ملتصقة على غشاء من البروتينات السكرية والمخاطية الآتية من اللعاب والملتصقة بسطح السن. وأول الجراثيم ترسباً المكورات الإيجابية الغرام مع بعض العصيات مثل النسرية Neisseria، والنوكاردية Nocardia، والعقديات الدموية. ومع ازدياد ثخن اللويحة تميل الجراثيم إلى أن تصبح لا هوائية وسالبة الغرام، ويتم التغذي بنواتج الاستقلاب الجرثومية والمواد التي في لحمة اللويحة وبين الجراثيم. ومع النضج يزداد عدد المكورات السالبة الغرام، ثم تترسب الجراثيم المغزلية Fusobactéries والفطور الشعاعية Actinomycètes والفيونيلة Veillonella غير الهوائية ثم تتكون الملتويات Spirochètes وتزداد أعدادها جميعاً، ولاسيما الفطور الشعاعية المسماة نسلوندي Nasslundi، وتتناقص العقديات لتحل مكانها العصيات الخيطية، وتوجد الحمات مع الجراثيم المغزلية تحت اللثة. هذه هي العناصر الأساسية في اللويحة ولكن هناك دراسات كثيرة تتناول هذا الموضوع كل عام وأصبح العلماء يتكلمون عن لويحات جرثومية بدل لويحة، وعن لويحة لكل مظهر التهابي سريري، وكشفوا عناصر مهمة جداً في أمراض اللثة منها العصوانية الميلانينية Bacteroides melaninogenicus وهي جرثومة شديدة الفوعة تثير وحدها الارتشاف العظمي وتنشط جملة المتممة وجرثومة عصوية شعاعية توجد بكثرة في داء انحلال الأنسجة الداعمة عند الأطفال وعند عدد كبير من المرضى المصابين بداء أُسْـلَر Osler.
تؤثر اللويحة بإحدى آليات ثلاث:
الآلية الأولى: تتحول اللويحة إلى قَلح tartre وهو عامل مخرِّش ميكانيكي يعد حاملاً لأنواع أخرى من اللويحات، أما الجراثيم التي ضمنه فتعدّ ميتة متكلسة وغير فعالة. ويوجد منه أنواع كثيرة تحت اللثة وفوقها، ويتكون بتأثيرٍ من اللعاب من جهة ومن مصل الدم من جهة أخرى، ويزال بالتقليح détartrage الذي يختلف عن تنظيف الأسنان، ويتم بأدوات يدويةٍ تُدعى مقالح أو بأدوات آلية كجهاز الاهتزازات فوق الصوتية cavitron.
الآلية الثانية: تفرز جراثيم اللويحة خمائر كثيرة وسموماً تحل الارتباطات بين الخلايا فتسبب تقرح البشرة وتفكك النسيج الضام الذي يبطنها ثم انكشافه مما يتيح لزمر خمائرية كثيرة الولوجَ فيه وإثارة تفاعل التهابي شديد. وتتكاثر البشرة هنا كرد فعل دفاعي، ولكنها تخفق قي تغطية النسيج الضام لأنه ملتهب، فتهاجر هذه البشرة باتجاه الرباط وأسفل السن مؤلفة الجيب اللثوي.
الآلية الثالثة: وهي الآلية المناعية التي يقوم فيها أحد مكونات الجراثيم مقام مستضد antigène فيتكوَّن لها في النسيج الضام وأحياناً في السائل اللثوي جسمٌ ضدي anticorps ثم يتكوّن ما يسمّى المعقد المناعي الذي يثير تفاعلات مناعية كثيرة ومتطوِّرة تزيد من حدة التخريب والموت الخلوي، وتنشط في سياق هذه العملية جملة المتممة، وتُلاحَظُ أجزاء منشطة كثيرة منها، وتتطور كل مراحل التفاعلات المناعية، انطلاقاً من الصدمة التحسسية عندما يتثبت كُرَيِّين (غلوبولين) مناعي E فوق خلية بدينة mastocyte، إلى تفاعل الانسمام الخلوي cytotoxicité ثم إلى مجمل المناعة الخلطية التي تنهض بها المصوريات وجملة المتممة وأخيراً إلى المناعة الخلوية التي تنشط فيها ذراري اللمفاويات.
وباختصار: المرض اللثوي نهج التهابي مناعي نقطة البداية فيه اللويحة.
الأعراض والعلامات
عندما تصاب اللثة والأنسجة الداعمة بالتهاب أو استحالةٍ تظهر سريرياً أعراض وعلامات يعد معظمها مصدر قلق للمريض، وأكثر ما يدعو المريض إلى مراجعة الطبيب من هذه الأعراض ما يلي:
1ـ النزف اللثوي: الذي يحدث من ضمن التلم ثم من بين الأسنان فالمناطق الضعيفة بالتدريج بسبب رقة البشرة في هذه المناطق، ويكون موضَّعاً أو معمماً بحسب شدة الالتهاب، وهو نوعان: نزف مثار لدى استخدام فرشاة الأسنان أو الأطعمة القاسية، ونزف عفوي، ولو من غير حركة، يثير القلق إذ يظن أنه دلالة على مرض دموي خبيث، ولكن هذا النزف العفوي يجب أن يكون غزيراً جداً وقلما يرقأ ليظن أنه ناجم عن سرطان الدم.
2ـ الانحسار اللثوي: المقصود به تراجع اللثة الذي تنجم عنه حساسية الأسنان من جهة وتطاولها الظاهري من جهة أخرى (الشكل3). والنُّساع، في العربية، هو انكشاف اللثة عن الأسنان واسترخاؤها. والسبب المباشر في الانحسار هو الالتهاب والإطباق الرضي، والسبب غير المباشر هو كمية اللثة الملتصقة غير الكافية. والانحسار كذلك، موضَّعاً أو معمماً، هو كثير الحدوث في القواطع السفلية والأرحاء العلوية بسبب ثخانة الجذر، ويشخص سريرياً بالنظر ويعالج بالتغطية الجراحية وتعديل الإطباق.
3ـ ضخامة اللثة: هي فرط نمو اللثة الناجم عن زيادة عدد العناصر الخلوية hyperplasie وعن كبر حجم الخلايا hypertrophie، مما يغيّر من شكل اللثة ويعوق استعمال فرشاة الأسنان فيتوضع الالتهاب ويزداد إمكان حدوث النزف، وتكون الضخامة موضعة أو معممة، حادة كالخراجات أو مُزْمِنة في معظم أشكالها، وتصنف بحسب السبب كما يلي:
أ ـ الضخامة التنسجية: وهي كتلك التي تشاهد عند المرضى المصابين بالصرع والأمراض العصبية الذين يتناولون المهدئات العصبية. وسبب الضخامة هنا فرط نشاط الخلايا المولدة للألياف fibroblast.
ب ـ الضخامة الالتهابية: وهي التي تسببها اللويحة الجرثومية (الشكل 4).
ج ـ الضخامة المختلطة: وهي التي تكون من منشأ التهابي وتنسجية (الشكل5).
د ـ الضخامة المشروطة: وهي التي تشاهد في سياق الحمل وتسمى الورم الحملي، أو في مرحلة البلوغ أو في سياق ابيضاض الدم ونقص الفيتامين C، وكلمة مشروطة هنا تعني أن الضخامة غير قادرة على الظهور ما لم يوجد أحد هذه العوامل.
هـ ـ الضخامة الأُسْريّة أو الوراثية أو المجهولة.
وهناك أخيراً مجموعة الضخامات الورمية أو الأورام التي تخرج عن نطاق هذا البحث. وتعالج الضخامة بقطع اللثة gingivectomie.
4ـ الجيب اللثوي والجيب حول السن: هو أصلاً المرض اللثوي نفسه، ولكن القصد منه هنا العرض أو العلامة، فيقال جيب لثوي عندما يزداد عمق التلم اللثوي، ولكن من دون هجرة خلايا بشرة الارتباط، أي إن الجيب هنا سببه زيادة نمو اللثة نحو التاج. ويقال جيب حول السن عندما يزداد عمق التلم بهجرة خلايا الارتباط ونمو اللثة معاً (الشكل 6).
وتصنف الجيوب كما يلي: جيوب بسيطة عندما تصيب جداراً واحداً، وجيوب مركبة عندما تصيب جدارين أو أكثر، وجيوب معقدة عندما تبدأ من نقطة وتلتف حول الجذر، وهنالك جيوب فوق العظم وجيوب تحته.
5ـ الارتشاف العظمي: لا يشاهد هذا الارتشاف resorption إلا شعاعياً ويكون موضَّعاً أو معمماً، أفقياً عندما يكون السبب التهابياً، وشاقولياً عندما يكون السبب رضياً، ومختلطاً عندما يكون السبب مركباً أي التهابياً ورضياً معاً، وتسمى الآفة التي يسببها الارتشاف تسمية تتفق وشكلها، وتدعى هذه الآفات عيوباً عظمية (الشكل 7).
6ـ حركة الأسنان: وهي علامة مرعبة للمريض لإحساسه باقتراب فقده أسنانه (الشكل
، والأصل في سبب الحركة هو الارتشاف العظمي، وتكون باتجاه أمامي خلفي أو جانبي أو عمودي، وتتقدم مع بقاء السبب، وتتباعد الأسنان فيما بينها وتغير من أوضاعها لتصبح مائلة أو مفتولة، وتختبر الحركة باليد أو الملقط، وهناك جهاز خاص أحياناً لقياسها يدعى مقياس الحركة. وتعالج الحركة بالجبائر اللثوية مشتركة مع المعالجات اللثوية النوعية.
7ـ الألم اللثوي: قلما يكون المرض اللثوي مؤلماً إلا في بعض الحالات الحادة التي يكون الألم فيها عرضاً مهماً مثل الحالات الآتية:
أ ـ التهاب ماحول التاج «التُواج»: ولاسيما «تواج» الرحى الثالثة السفلية، والتواج هو التهاب اللثة حول سن في طور البزوغ، يترافق بالتهاب العضلات مسبباً الضزز trismus (ضيق الشدقين أو الكزاز الفموي)، وينتقل ألمه إلى الأذن والرأس واللوزتين وقعر الفم والبلعوم، ويسبب أعراضاً مبهمة حادة أحياناً في جميع هذه المناطق، ويعالج التواج بحسب الحالة بجراحة اللثة أو قلع السن المسببة إضافة إلى المعالجة الدوائية.
ب ـ التهاب الفم واللثة العُقبولي الحاد.
ج ـ التهاب اللثة النخري المواتي الحاد.
د ـ التهاب الأنسجة الداعمة الشبابي الحاد.
وهذه الأمراض لا تحتاج إلى تفصيل لندرتها، أما المرض الأخير فخطير جداً.
8ـ بَخَر الفم: وهو النكهة الكريهة التي تصدر عن بعض الأفواه، والسبب فيها الإهمال وتفسخ فضلات الطعام بجراثيم اللويحة وأحياناً تخمر الدم والقيح، ومن هنا يمكن ذكر عدة أنواع من البخر الفموي الذي تسببه اللثة أو نخر الأسنان أو التعويضات، وهناك بخر فموي أنفي أو جيبي أو لوزي، وهناك بخر من منشأ عام كالبخر الرئوي والهضمي والجلدي كالمشاهد عند السكريين أو المصابين بأمراض هضمية أو كلوية. والأصل في معالجة البخر إزالة السبب.
9ـ أعراض أخرى: هناك أعراض وعلامات كثيرة أخرى لا تحتاج إلى تفصيل إما لندرة مظاهرها السريرية وإما لندرتها، منها: تغير لون اللثة وقوامها (الشكل 9)، وإصابات في مفترق الجذور، وخراجات اللثة، والالتهاب اللثوي علامةً أو عرضاً لا مرضاً، وأعراض وعلامات أخرى.
تشخيص أمراض اللثة والأنسجة الداعمة
يعتمد تشخيص هذه الأمراض اعتماداً رئيسياً على الفحص السريري الذي يتم بتحري العلامات اللثوية الطبيعية والانحراف الذي ينجم عنها، فيُدرس وضع اللثة ولونها وقوامها وثباتها، وتختبر حركة الأسنان، وتُسبر الجيوب ويقاس عمقها، وهناك فحوص ثانوية متممة كالفحص الشعاعي لاختبار شكل الجذور ودرجة الارتشاف ومفترق الجذور والرباط السنخي السني، وقد يلجأ إلى إجراء فحوص عامة عندما يشك في وجود مرض عام دموي أو غدي أو استقلابي أو غيره.
معالجة أمراض اللثة والأنسجة الداعمة
يُعدّ موضوع المعالجة في غاية الاتساع والدقة والأهمية، وتسهم فيه عوامل كثيرة تتداخل فيما بينها لتحدد مايسمى إنذار (توقع) المعالجة pronostic، ومن هذه العوامل: عمر المريض وصحته العامة ومدى تعاونه ومستواه الثقافي الاجتماعي وعدد الأسنان الباقية، والارتشاف العظمي.
وعلى طبيب الأسنان وضع خطة معالجة كاملة وشاملة تحدد مستقبل الفم كاملاً، وتتواتر خطوات المعالجة وفق التسلسل التالي:
ـ توعية المريض وتثقيفه وتعريفه بأسباب المرض وإفهامه أنّ الوقاية هي في استخدام فرشاة الأسنان ووسائل التنظيف الأخرى (الشكلان 10 و11).
ـ التقليح أو إزالة الترسبات القلحية عن الأسنان وتلميعها وتنظيفها (الشكل 12).
ـ قلع الأسنان السيئة الإنذار والمفرطة الحركة.
ـ المداواة المحافظة واللُّبية (الشكل 13).
ـ التجريف اللثوي.
ـ الجبائر اللثوية والوسائل الأخرى في تثبيت الأسنان.
ـ تعديل الإطباق وتصحيح أوضاع الأسنان (الشكلان 14 و15)
ـ الجراحة اللثوية بمختلف أنواعها بحسب الاستطباب.
ـ التعويض الدائم عن الأسنان المفقودة.
ـ الزيارات الدورية.
وهذه الخطوات لا تحتاج إلى تفصيل ما دامت لا تنجز إلا بيد الطبيب.
الوقاية من أمراض اللثة والأنسجة الداعمة
تنطبق حكمة «درهم وقاية خير من قنطار علاج» انطباقاً مطلقاً في مجال أمراض اللثة، إذ إن السبب المباشر فيها هو الإهمال، ويشارك المريض مشاركة فعالة في إنجاح معالجته واستمرار نتائج هذه المعالجة، وتولي جميع الدول وقاية الأسنان اهتماماً كبيراً ويشار، فيما يتصل بالوقاية، إلى دور الصحة المدرسية والاتحادات والمؤسسات الإعلامية والعلمية المختلفة التي ينبغي عليها أن تنشر سبل الوقاية وأن تبرز شأنها وأن توضح أن فقد الأسنان بسبب إصابة اللثة يفوق جميع أسبابه الأخرى. وتبلغ الوقاية غايتها حين تشمل القناعةُ بأهميتها كل فرد في المجتمع.
وتشمل الوقاية:
ـ الوقاية الأولية لمنع حدوث المرض.
ـ الوقاية الثانوية لمنع الاختلاطات في أثناء حدوث المرض.
ـ الوقاية الثالثية لمنع النكس والعودة.
ـ وتتم الوقاية من قبل المريض باستعمال فرشاة الأسنان والمعجون من جهة، وبأساليب الوقاية الأخرى من جهة ثانية ومنها:
ـ الخيوط السنية لإزالة اللويحة بين الأسنان (الشكل 17).
ـ الأعواد الخشبية (الشكل 18).
ـ منشطات اللثة المطاطية لتنشيط الدورة الدموية.
ـ مواد المضمضة الفموية بمختلف أنواعها.