شعر/ فاروق جويدة ..
شهيد على صدر سيناء يبكي
ويدعو شهيدا بقلب الجزائـــر
تعال إليّ ففي القلب شكـــوى
وبين الجــــوانح حزن يكــــابر
لماذا تهون دماء الرّجــال
ويخبو مع القهر عزم الضّمائر
دماء توارت كنبض القلوب
ليعلو عليها ضجيج الصّغائــر
إذا الفجر أصبح طيفـا بعيــدا
تـباع الدّماء بسوق الحناجـــر
على أرض سيناء يعلو نــداء
يكبّر للصّبـــح فوق المنابــــر
وفي ظلمة اللّيل يغفو ضيـاء
يجيء ويغدو.. كألعــاب ساحـر
لماذا نسيتــم دماء الرّجــال
على وجه سينا.. وعين الجزائر؟!
***
على أرض سينــاء يبدو شهيـد
يطوف حزينـا.. مع الرّاحليـــن
ويصرخ في النـّـاس: هذا حرام
دمانا تضيــــــع مع العابثيــــــن
فهذي الملاعب عزف جميــــل
وليســــت حروبا علي المعتدين
نحبّ من الخيل بعض الصّهيل
ونعشـــــق فيها الجمال الضّنين
ونطرب حين يغنّي الصّغــــار
علي ضوء فجر شجيّ الحنيـــن
فبعض الملاعب عشق الكبــــار
وفيها نداعب حلــــم البنيــــــــن
لماذا نراها سيوفــــــا وحربـــــا
تعالــــوا نراها كنـاي حزيــــــن
فلا النّصر يعني اقتتال الرّفــــاق
ولا في الخســارة عار مشـــــين
***
على أرض سيناء دم ونــــار
وفوق الجزائر تبكــي الهـــمم
هنا كان بالأمس صوت الرّجال
يهزّ الشّـعــوب.. ويحيـي الأمم
شهيدان طافا بأرض العروبـة
غنّى العـــراق بأغلى نغــــم
شهيد يؤذّن بيــــن الحجيــــج
وآخر يصرخ فوق الهـــــرم
لقد جمعتنا دمـاء القـلـــــوب
فكيف افترقـــــنا بهزل القــــــدم ؟!
ومازال يصرخ بين الجمــوع
قم اقــــرأ كتـابك وحـي القلـــم
على صدر سيناء وجه عنيــد
شـــهيد يعانق طيــــف العلـــم
وفوق الجزائر نبض حزيـــن
يداري الدّمــوع ويخفي الألـــم
تعالـوا لنجمع ما قد تبقّــــــى
فشــرّ الخطــايا سفيـــــه حكـــم
ولم يبق غير عويل الذّئـــاب
يطـــــارد في اللّيل ركـــب الغنــــم!
رضيتم مع الفقر بؤس الحياة
وذلّ الهــــــوان ويـــأس النّـــدم
ففي كلّ وجه شظايا همــوم
وفي كلّ عيـــن يئنّ السّـــــأم
إذا كان فيكم شموخ قديــــم
فكيف ارتــــــضيتم حــياة الــــرّمم؟!
تنامون حتّي يموت الصّبـــاح
وتبكون حتّي يثور العـــــدم***
شهيد على صدر سيناء يبكي
وفوق الجزائر يسري الغضـب
هنا جمعتنا دمـاء الرّجــــال
فهل فرّقتنا' غنــــــاوي' اللّعــب
وبئس الزّمـان إذا ما استكــان
تسـاوى الرّخيص بحرّ الذّهـــب
هنا كان مجــد.. وأطلال ذكـــرى
وشـعب عـريق يسمـّى العـــــرب
ويا ويلهــم.. بعــد ماض عــريـق
يبيعون زيفـا بســــوق الكـــــــذب
ومنذ استكانوا لقهر الطّغـــاة
هنا من تـوارى.. هنا من هـرب
شعوب رأت في العويل انتصارا
فخاضت حروبا.. بسيف الخطب
***
على آخر الدّرب يبدو شهيـــد
يعانــق بالدّمــــــع كلّ الرّفـــاق
أتـوا يحملون زمانـــا قديمـــا
لحلــم غفا مرّة.. واستفـــاق
فوحّد أرضا.. وأغنى شعوبــا
وأخرجها من جحـور الشّـقــاق
فهذا أتى من عيون الخليــــل
وهذا أتى من نخيل العــــراق
وهذا يعانق أطـــلال غــــــزّة
يعلو نداء.. يطــول العنـــاق
فكيف تشرّد حلم بـــريء
لنحيــا مـــرارة هذا السّبـــاق؟
ويا ويل أرض أذلـّت شموخـا
لترفـــع بالزّيــف وجه النّفــاق
***
شهيد مع الفجر صلى.. ونادى
وصاح: أفيقوا كفــاكم فســادا
لقد شرّدتكم همــوم الحيـــاة
وحين طغى القهر فيكم.. تمادى
وحين رضيتم سكـون القبــور
شبعتم ضياعا.. وزادوا عنادا
وكم فارق النّاس صبح عنيـــد
وفي آخر اللّيل أغفى.. وعاد
وطال بنا النّوم عمرا طويــــلا
وما زادنا النّـوم.. إلاّ سهــادا
***
علي صدر سيناء يبكي شهيـــد
وآخر يصرخ فـــوق الجزائـــر
هنا كان بالأمس شعــب يثـــور
وأرض تضجّ.. ومجــــــد يفاخــر
هنا كان بالأمس صوت الشّهيد
يزلزل أرضا.. ويحمي المصائر
ينام الصّغير على نار حقــــد
فمن أرضع الطّفل هذي الكبائر ؟!
ومن علّم الشعب أنّ الحــروب
' كـرات' تطير.. وشعب يقـامر ؟!
ومن علّم الأرض أنّ الدّماء
تراب يجفّ.. وحــزن يسافـــر
ومن علّم النّاس أنّ البطولـة
شعب يباع.. وحكم يتــاجر؟!
وأنّ العروش.. عروش الطّغاة
بلاد تئنّ.. وقهر يجـــاهر
وكنّا نـباهي بدم الشّهيــــد
فصرنا نباهي بقصف الحناجر!
إذا ما التقينـــا على أيّ أرض
فليس لنا غير صدق المشاعر
سيبقى أخي رغم هذا الصّـراخ
يلملم في اللّيل وجهي المهاجر
عدوّي عدوّي.. فلا تخــدعوني
بوجه تخفـّى بمليون ساتـــر
فخلـــف الحـــدود عـــدوّ لئيــم
إذا ما غفونا تطلّ الخناجــر
فلا تتـــركوا فتنـة العابثيــن
تشـوّه عمرا نقيّ الضّمائــر
ولا تغرسوا في قلــوب الصّغـار
خرابا وخوفا لتعمى البصــائر
أنا من سنين أحـــبّ الجــــزائــر
ترابا وأرضا.. وشعبـــا يغامـــر
أحبّ الدّمــاء الّتي حرّرتـــه
أحبّ الشّموخ.. ونبل السّرائر
ومصر العريقة فوق العتـــاب
وأكبر من كلّ هذي الصغــائر
أخي سوف تبقى ضميري وسيفي
فصبر جميل.. فللــيــل آخــر
إذا كان في الكون شيء جميــل
فأجمل ما فيه.. نيل.. وشاعر